مقابلة عمل

 في أحد الأيام، كنت في طريقي إلى مقابلة عمل في شركة سمعت عنها الكثير. الوظيفة بدت مناسبة تمامًا لي، والراتب المعروض كان معقولًا بما يكفي لتغطية مصاريفي واحتياجاتي. المشكلة الوحيدة كانت أنني أعيش في منطقة بعيدة جدًا عن مقر الشركة، ما جعل رحلتي طويلة وشاقة. ولأن المواصلات في منطقتي غير منتظمة، كنت مستعجلًا لإتمام المقابلة سريعًا حتى لا أفوّت الباص الأخير.

عندما جلست مع صاحب العمل، كان يبدو عليه أنه لاحظ عجلة الوقت في تصرفاتي. بدأ الحديث عن الوظيفة والشروط، وعندما وصلنا إلى نقطة الراتب، فاجأني بتقديم عرض أقل مما كان معلنًا. برغم شعوري بعدم الراحة، وافقت على العرض فورًا بسبب حاجتي الملحة للعمل.
لكن، بعد دقائق قليلة، بدأت أفكر: لماذا وافقت بهذه السرعة؟ هل بدا الأمر وكأنني ضعيف أو خائف؟ فجأة طرح صاحب العمل سؤالًا مربكًا: "هل لديك أي مشاكل في التأشيرة أو الإقامة؟" فأجبته بثقة: "لا، الأمر ليس كذلك. السبب الوحيد هو حاجتي للعمل."
بدلاً من تقديره لوضعي، قرر أن يستغل حاجتي أكثر واقترح تخفيض الراتب مجددًا. عند هذه النقطة، شعرت بكرامتي تهتز. رغم حاجتي للعمل، أدركت أن قبولي لهذا العرض يعني أنني أتنازل عن احترامي لذاتي. نظرت إليه بثبات وقلت: "لا، لن أقبل بهذا العرض. شكرًا على وقتك." ثم وقفت وانصرفت.
وأثناء مغادرتي، شعرت بمزيج من الارتياح والقلق. صحيح أنني رفضت العرض، لكنني كنت أفكر: هل كان قرارًا صائبًا؟ أم أنني تسرعت؟ في النهاية، أدركت أن كرامتي واحترامي لنفسي أهم بكثير من أي راتب، وأن العمل الذي يقدرني كشخص سيأتي في الوقت المناسب.

صلاح الدين أحمد

مدون شغوف بالكتابة ومشاركة الأفكار والمعرفة. أسعى من خلال مدونتي على بلوجر إلى تقديم محتوى هادف وجذاب يلامس اهتمامات القراء. أحب الكتابة عن مواضيع متنوعة تشمل التكنولوجيا، العلوم، والقضايا المعاصرة، وأحرص على أن تكون بأسلوب بسيط وواضح يسهل على الجميع فهمه. أهتم بتفاصيل التصميم والمظهر الجذاب

إرسال تعليق

أحدث أقدم